Wikipedia

نتائج البحث

الأربعاء، 2 مايو 2012

التخطيط البيئي

الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة AUSDE
التخطيط البيئى أ.د/ علي عبد الرحمن علي رئيس الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
بالرغم من اعتماد معظم الدول في الوقت الحاضر على التخطيط وسيلة لتحقيق التقدم في مختلف المجالات، إلا أنه من الملاحظ أن هذا التقدم المتحقق بفعل التخطيط، قد رافقه ظهور مشكلات بيئية وتدهور للموارد الطبيعية، مع أن التخطيط في الأساس ما هو إلا أسلوب علمي يهدف إلى الاستغلال الموجه والمنظم للموارد الطبيعية، ولضبط العلاقة بين الإنسان والبيئة. ويكمن الخلل في إخفاق التخطيط في تحقيق هدف الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية، وضبط العلاقة بين الإنسان والبيئة،أساساً، في إهمال البعد البيئي عند إعداد خطط التنمية، فهذا التخطيط التقليدي لم يأخذ بعين الاعتبار لثلاثة مجالات ذات علاقة بالبيئة، وهي : المجال الزمني، أي : عدم مراعاة الفترة الزمنية اللازمة لتجدد موارد البيئة، والمجال الجغرافي، أي : عدم مراعاة أن مشكلات البيئة تنتقل من مكان إلى أخر ولا تعترف بالحدود القائمة، ومجال الصحة والسكان، أي : عدم مراعاة الآثار الجانبية السلبية لمخلفات التنمية على الصحة والسكان. ومن هنا أصبح التخطيط التقليدي – غير البيئي – الذي يسهم في بروز المشكلات البيئية بسبب إهماله البعد البيئي محل انتقاد، وذلك ما مهد لظهور التخطيط البيئي ليشكل أحد الوسائل العلمية في الحفاظ على البيئة، ويحتل مكانة مميزة بين أنواع التخطيط الأخرى.
يُعرَّف التخطيط البيئي بأنه مفهوم ومنهج جديد يقوِّم خطط التنمية من منظور بيئي، أو بمعنى أخر، هو التخطيط الذي يحكمه بالدرجة الأولى البعد البيئي والآثار البيئية المتوقعة لخطط التنمية على المدى المنظور وغير المنظور، هو التخطيط الذي يهتم بالقدرات أو الحمولة البيئية، بحيث لا تتعدى مشروعات التنمية ومطامحها الحد البيئي الحرج، وهو الحد الذي يجب أن نتوقف عنده، ولا نتعداه، حتى لا تحدث نتائج عكسية قد تعصف بكل ثمار مشروعات خطط التنمية . بمعنى أخر فإن التخطيط السليم بيئياً، إنما هو نظام تخطيط متواصل ينطوي، في كافة المستويات الحكومية كافة، على مفهوم لصنع القرار، يشجع التقدم الاقتصادي والاجتماعي للأفراد، ضمن الحدود المسموح بها في محيطهم، بهدف تحسين الاستخدام الفعال للموارد مع الحد الأدنى من التدهور البيئي. والهدف الرئيس، هو تامين الانسجام بين أهداف التخطيط والأهداف البيئية .
وبمكن أن نقول بأن التخطيط البيئي هو التخطيط الذي ينتج من خلال عملياته خططاً مدمجة بالبعد البيئي، أي لا ينتج فقط الخطط البيئية، التي تهدف، مباشرة، إلى حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية فحسب، وإنما ينتج الأنواع الأخرى من الخطط التي تأخذ البعد البيئي بعين الاهتمام. ومن ثم فإن التخطيط البيئي قد يشمل مشروعات ذات صبغة بيئية خالصة مثل ( مشروع إعادة تأهيل نهر ملوث، مشروع حماية حيوانات معرضة للانقراض، مشروع إنشاء محطة رصد بيئي )، كما قد يشمل مشروعات تنموية بيئية مثل ( مشروعات السياحة البيئية، مشروع إعادة تدوير المخلفات )، وأيضاً قد يشمل مشروعات تنموية خالصة مثل ( مشروع إنشاء مصنع إسمنت )، إلا أن مثل هذا المشروع يدخل في إطار التخطيط البيئية، عند دراسة تقييم الأثر البيئي له، وإعادة تصميمه بالشكل الذي يخفض آثاره على البيئة إلى درجة الصفر، أو إلى أقل ما يمكن من الدرجات المسموح بها.
ويتميز التخطيط البيئي بأنه يعتمد على المبادئ الآتية:
1- مبدأ الوقاية خير من العلاج :
إن التخطيط البيئي يتبع النهج الوقائي في التعامل مع القضايا البيئية، فاعتماد مبدأ الوقاية خير من العلاج وتطبيقه، أقل كلفة، وأكثر فعالية من معالجة المشكلات بعد حدوثها. ذلك أن أسلوب اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح الضرر البيئي حين ظهوره، أسلوب مكلف وصعب، وأحياناً يكون عديم الجدوى، بعكس أسلوب معالجة جذور المشكلة والعمل على منعها وتلافيها مبكراً قبل حدوثها، وهو أسلوب التخطيط البيئي. 
2- مبدأ التكامل والشمول :
إيماناً بأن العلاقات البيئية كلٌ متداخل يؤثر بعضها في بعض، حيث، إن أي خلل في أي عنصر من عناصر المجموعة يؤثر في باقي العناصر، كما أن أي عمل يتم في المجتمع يمت بصلة إلى كل القطاعات بدرجات متفاوتة، فإن التخطيط البيئي يقوم بالاعتماد على هذه النظرة الشمولية والتكاملية للبيئة، وذلك عند إعداده لمختلف الخطط، وكما أن عمليات التخطيط البيئي تعد متكاملة مع عمليات تخطيط التنمية الشاملة ومكملة لها.
3- مبدأ العودة إلى الطبيعة :
مع التطور التكنولوجي، صار الاعتماد كبيراً في كل شئ على الحلول الصناعية، بينما نتجاهل الحلول والمزايا الطبيعية، والتي ليس لها دائماً آثار جانبية وتكون أقل تكلفة. ولذلك فإن المخطط البيئي، عندما يعتمد التخطيط لحل أية مشكلة بيئية، فإنه يحرص أن يبدأ أولاً بالبحث عن الحلول، التي يمكن أن تقدمها الطبيعة، قبل اللجوء إلى أي حل أخر. فمثلاً، عند معالجة مشكلة الآفات الحشرية والنباتية، نجد أن اعتماد أسلوب المكافحة البيولوجية إلى جانب أنه فعال فهو قليل التكاليف ولا يترك آثاراً ضارة على البيئة والصحة، على النقيض من المبيدات المصنعة التي لها آثاراً بيئية خطيرة إذا ما استخدمت، فضلاً عن أنها مكلفة مقارنة بالمكافحة البيولوجية.
4- مبدأ الاعتماد على الذات :
لا شك أن لكل مجتمع ظروفه ومشكلاته البيئية الخاصة به، ويمتلك موارد بيئية محدودة. ولذلك نجد أن التخطيط البيئي لارتباطه بالبيئة، يتوقف نجاحه على مدى قدرته على ربط المجتمع ببيئته، وجعله يبحث عن الحلول المتوافقة مع البيئة المحلية؛ إذ إن كثيراً من الحلول المستوردة من الخارج لا تفلح لأنها لا تتوافق مع البيئة المحلية. ولذلك يجب إعداد الخطط البيئية وفقاً للخصوصيات المحلية، وباستخدام التقنية والخبرات المحلية بقدر الإمكان، وهذا لا يعني عدم الاستفادة من خبرات الآخرين، ولكن دون أن تكون أسيرة لها، وإنما تستفيد منها، وفقاً لضرورة المجتمع المحلي وحاجاته.
فقد صار مستقراً في الأذهان أن كثيراً من التقنيات المضمرة في المعارف الشعبية تشكل حلولاً عبقرية للمشكلات المحلية، انظر مثلاً استخدام جذوع النخل في تدعيم المباني والأسطح في البيئات العربية الصحراوية، الذي يفضل التقنات الغربية الحديثة خاصة، في مقاومة غوائل المناخ الصحراوي القاسي بما لا يقاس. ومثل آخر : وصفات الطب الشعبي في العالم الثالث، خاصة أمريكا اللاتينية، الأمر الذي أدى بالشركات عابرة الجنسيات أن تتدافع لامتلاك مثل هذه المعارف، وتحويلها إلى معارف محتكرة، تحميها براءة اختراع، تمنعها حتى عن أصحابها الأصليين . 
5- مبدأ المشاركة الشعبية :
يعتمد التخطيط البيئي اعتماداً كبيراً على عنصر المشاركة الشعبية، لكونه أكثر حاجة للحصول على قبول المجتمع المحلي وتأييده ، إذ نجد أن الخطط البيئية المتصلة باستخدام الموارد الطبيعية، كثيراً ما تواجه نشوب خلافات حول استخدام تلك الموارد وملكيتها، وتضارب مصالح المستفيدين منها، كما أن الخطط البيئية التي توضع لإصلاح الأضرار البيئية، والحفاظ على عناصر البيئة، عادة، ما تواجه مقاومة بسبب ارتفاع تكلفتها، وعدم تحقيقها جدوى ملموسة في الأجل القريب. من هنا، يمكن القول : إن دمج عنصر المشاركة الشعبية في التخطيط البيئي يساعد في إكساب الخطط البيئية والمشروعات المدرجة تأييد المجتمع المحلي، ويقلل من إمكانية نشوب خلافات حول استخدام الموارد، حيث يتقبل المجتمع المحلي التكاليف، واستخدام موارده المحلية في تنفيذ تلك المشاريع، بل يتعاونون جميعاً على إنجاحها، طالما انهم اشتركوا منذ البداية في مناقشة تلك المشروعات واختيارها .
نقلا عن
http://www.ausde.org/?page_id=369

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رجاء كتابة تعليقك