من إبداعات الحضارة العربية الاسلامية (الإسطرلاب)
يمثل الاسطرلاب
أحد مفاخر الحضارة العربية الإسلامية ولعل المدقق في المصادر و المراجع
بأنواعها من كتب الطبقات و الفلك و حتى الفقه , سرعان مايدرك ماكان
للإسطرلاب من أهمية بالغة وقيمة كبيرة جداً عند العرب و المسلمين , إذ كانت
له قيمته الكبيرة في الدولة الإسلامية , فكان في بعض الأحيان يقدم كهدية
مثلما أهدى أبو إسحاق الصابيء إلى عضد الدولة ، إصطرلابا بقدر الدرهم{1}, و
كان في أحايين أخرى مصدرا للقرار , أو حتى أداة للمعرفة, و في بعض الأحيان
كان يُلعن , ربما الإسطرلاب كمخترع علمي ليس بتلك القوة التي تجعله يفرض
نفسه على الساحة العلمية في الدولة الإسلامية الزاخرة بالعلوم و العلماء , و
لكن ظروف العصر فرضت الإسطرلاب على كل الناس بطبقاتهم , بداية من الخلفاء
نزولا إلى العلماء و الشيوخ و الرحالة وغيرهم من فئات وطبقات المجتمع.
على كل حال فإن
الغرض من هذا البحث القصير يتمثل في تعريف الناس بدور الإسطرلاب في الدولة
الإسلامية و إلى أي مدى اهتم به العلماء فأرجو من الله أن يكون البحث
موصلاً للفكرة المرجوة.
عوامل تطور علم الفلك لدى المسلمين:
1. العامل الديني:
لا يغفل أحد عن
عظمة الدين الإسلامي و تفرده عن الأديان الأخرى في الدعوة إلى التفكر في
الكون بكل ما يحويه من خلق و أسرار و يظهر هذا في الكثير من المواضع في
القرآن الكريم حيث قال تعالى :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْل وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:190-191].
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْل وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:190-191].
كما أن المسلمين
عملوا على تطوير معرفتهم بالفلك حتى يمكنهم تعيين اتجاه القبلة و أوقات
الصلاة و أيضاً تحديد وقت بعض المناسبات الدينية مثل شهر رمضان و ما إلى
ذلك من مناسبات دينية و خاصة بعد اتساع الدولة الإسلامية .
2. تشجيع الخلفاء :
كما تبين سابقاً
أنه بعد اتساع الدولة الإسلامية اتساعاً كبيراً في عهد الدولة العباسية
أدرك المسلمون أهمية العلوم التجريبية في شتى مناحي الحياة لذا كان ناتجاً
عن ذلك ظهور حركات الترجمة الواسعة و التي بدأت ملامحها تظهر بقوة في عهد
المنصور و التي لم تتوقف عنده بل كنت مجرد بداية تلتها حركات عملاقة
للترجمة و التي كانت مخصص لها الجزء الكبير من الميزانية الدولة و كان
العلماء و المترجمون يقلدون بالمناصب الكبرى و كانوا مقربون جداً من
الخلفاء فكان هذا أكبر حافز لهم للمزيد من العمل و البحث, و يعتبر عهد
المأمون من أعظم عهود النقل و الترجمة و البحث العلمي حيث يقال أنه كان
يعطي للمترجم وزن ما ترجمه ذهباً.
3. العامل الاقتصادي:
معرفة البلدان وما
عليها من أقاليم، واستعمال الرياح بأنواعها من أجل تسيير الفلك ومن أجل
الإبحار. في هذه الفترة أدخل استعمال البوصلة لأول مرة والتي كانت معروفة
لدى الصينيون، واستعانوا بالنجوم من أجل الاهتداء بفلكهم. وكذلك استعانوا
بالإسطرلاب لحساب القياسات لمكان تواجد الفلك ومعرفة الاتجاه. هذا أدى إلى
كتابة العديد من مؤلفات الإرشاد مثل كتاب ابن ماجد الذي كتب زمن رحلات
فاسكو دي جاما عام 1500م. ومما يشير على هذه الأهمية كتابة مغامرات سندباد
في هذه الفترة أيضا. الأهمية الفلكية من حيث العامل الاقتصادي لم تقتصر فقط
على الإبحار والتجارة البحرية بل لمعرفة المناخات، والأقاليم من أجل
الزراعية، وملائمة النباتات والأعشاب الطبية وغير الطبية التي جلبت من
الأماكن النائية وأرادوا ملائمتها لمناخ بلدهم.
4. العامل السياسي و العسكري:
حيث أن قوة الدولة
الإسلامية في ذلك الوقت و اتساعها أدت إلى دخول الدولة الإسلامية في
الكثير من المعارك و الحروب مع الدول المجاورة لها و لم تكن تلك الحروب
مقتصرة على المعارك مع الدول فقط و لكن أيضاً كانت تتم في الفتوحات
الإسلامية و الغزوات و يتضح من ذلك أنه كان للجيش الإسلامي أهمية خاصة في
الدولة و كان لزاماً على الخلفاء الاهتمام به اهتماما خاصاً و كان الجيش
يقطع مسافات طويلة في الصحاري و البلدان ليصل إلى مبتغاه لذلك كان يجب من
وجود طريقة لمعرفة المواقيت بدقة و معرفة الاتجاهات في الصحاري الواسعة
لذلك كانت دراسة الفلك هي الحل الأمثل لهذا المشكلة.
5. الخوف من السفر للأماكن النائية:
((نتيجة المعتقدات
البالية والخائبة التي ورثوها عن الحضارات السابقة حول ماهية الكون. إذا
فالحاجة للأسفار البعيدة والشغف للرحلات النائية (أدى إلى تطور علم
الأثنوغرافية) {*} كل ذلك أدى إلى تخطيط وتطوير المسالك والطرق والخرائط
وتقدير أبعاد البلدان بوحدات مختلفة كالفرسخ والأميال وبالتالي خلق صورة
جديدة حول ماهية الكون وتركيبته)).{2}
6. التسامح الديني:
و كان التسامح
الديني في الإسلام ليس فقط من أقوى أسباب نشر الإسلام و ترابط الدولة
الإسلامية و لكن أيضاً كان من أكبر أسباب الازدهار العلمي في الدولة
الإسلامية حيث أن التاريخ في الحقبة الإسلامية لم يفرق أبداً بين مسلم و
غير مسلم و لم يبخس جهد أحد من غير المسلمين أبداً في تطور الحضارة
الإسلامية و صناعة مجدها فنجد إسحاق العابدي أو كما يوكنا أبا يعقوب لم
يمنعه دينه من أن يكون من أهم النابغين في حركة النقل و الترجمة للكتب
الطبية اليونانية إلى العربية و ذلك لما يمتلكه من معرفة و دراية بلغات
كثيرة ولا شك أن أبا يعقوب من أكبر الأمثلة على أثر التسامح الديني في
الدولة الإسلامية على التطور العلمي .{3}
استخدامات الإسطرلاب عند المسلمين:
مما سبق يتضح مدى
أهمية الفلك و وجود آلة فلكية دقيقة في كل ركن من أركان الدولة الإسلامية
لتبين للمسلمين و يرفع عنهم اللبس فكان الإسطرلاب بمثابة ذلك الاختراع
العجيب الذي أنزل عن كاهل المسلمين الكثير من العناء و لكن هذا لا يمنع
أبداً و جود بعض الاستخدامات لهذه الأداة السحرية مخالفة لما أنزل الله و
سن رسوله و هذا يعني بالمقابل أنها استخدامات مخالفة للقواعد في الدولة
الإسلامية و التي تستن أحكامها من الشريعة الإسلامية و في السطور القليلة
القادمة سوف تتضح الصورة و تظهر فمن الإطلاع على كتب الطبقات يمكن نلاحظ
شيئاً هاماً أن الإسطرلاب ليس فقط لمن يصنعه بل أيضاً لمن يستخدمه فتجد في
كتب الطبقات أنه مم يذكر عن الشخص في حياته أنه كان صانعاً جيداً أو بارعاً
في استخدام الإسطرلاب و من القراءات في كتب الطبقات يُتصور أنه كان لكل
منطقة في الدولة الإسلامية إسطرلابا رئيسياً ينظم الحياة في هذه المنطقة و
هذا الإسطرلاب يستخدم في الحالات الآتية .
1- الإسطرلاب و معرفة سمت القبلة:
من المعروف أن
الصلاة عند المسلمين هي عماد الدين و الصلاة لا تجوز إلا إذا قامت في اتجاه
الكعبة المشرفة بمكة المكرمة فهذا أمر لا يقبل التهاون عند المسلمين و هذه
المشكلة قد تكون لم تظهر في بدايات الإسلام أو في صدر الإسلام حيث أن
الإسلام لم يكن قد خرج من شبه الجزيرة العربية بعد و كان من السهل توجيه
المسلمين أنفسهم نحو الكعبة و لكن بعد اتساع رقعة الدولة الإسلامية كان
لزاماً على المسلمين تحديد اتجاه القبلة بدقة عالية فكان الإسطرلاب هو
السبيل إلى ذلك , فنجد قضية في كتاب الذخيرة في تحديد اتجاه القبلة فيأتي
ذكر الإسطرلاب حيث يوضح الكتاب أنه من الحسن استخدام الإسطرلاب لمعرفة
اتجاه القبلة فهي مؤكدة للحق {4}, و أيضاً نجد "أبو زيد ، عبد الرحمن بن
عبد القادر بن علي الفهري" يمدح و يتغزل في محاسن آلة الإسطرلاب و
استخداماته فنجده وضع ثلاثة عشر بيتاً تحت عنوان "سمت القبلة و الاتجاهات" و
هذا نص صريح يوضح مدى أهمية الإسطرلاب في معرفة اتجاه القبلة {5} و نجد
أيضاً إشارات أخرى لدور المنجمين أو الفلكين في تحديد اتجاه القبلة فنجد أن
تحقيق القبلة لجامع بغداد تم بقول بهرام المنجم{6}.
2- الإسطرلاب في معرفة المناسبات و الأعياد:
و كان الإسطرلاب
أيضاً كما كان مستخدماً في معرفة اتجاه الكعبة المشرفة أيضاً كان يستخدم في
تحديد مواقيت الصلاة و معرفة زمن بداية المناسبات و الشهور المهمة مثل شهر
رمضان الذي كان و لا يزال شهر الصوم و العبادة عند المسلمين فكان لزاما
عليهم تحديد وقت بدايته و نهايته بدقة شديدة لما يحمله هذا الشهر الخاص عند
المسلمين من تكاليف خاصة في العبادة مثل الصوم فكان الإسطرلاب يستخدم في
ذلك الوقت في تحديد بدايات و نهايات الشهور العربية و بالطبع أهمهم شهر
رمضان و أيضاً أعياد المسلمين فنجد في كتاب" الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة "
ذكر لاستخدام الإسطرلاب في عملية التنبؤ بهلال العيد و أيضاً يأتي ذكر
لطريقة استخدامه للإسطرلاب و ذكر بعض أجزائه الدقيقة. {7}
3- الإسطرلاب في معرفة الطالع و التنجيم:
((وقد تراجع
الاهتمام بالتنجيم في صدر الإسلام والعهد الأموي، بسبب نهي الرسول والخلفاء
الراشدين عنها، وقرب عهد الناس من عهدهم، ونرى صدى استنكار الناس للتنجيم
في تلك الفترة بكثير من الأشعار،لكن عودة معتقدات التنجيم، هي ما فتحت باب
علم الفلك من جديد لدى العرب، مع عهد أبو جعفر المنصور الذي كان أول من جمع
المنجمين في بلاطه، واقتدى به خلفاؤه، فأصبح المنجمون بمثابة فئة من موظفي
الدولة ولهم رواتب وأرزاق، وقد كان أبو جعفر المنصور يتخذ له منجماً
فارسياً اسمه "نوبخت" (وهو فضل بن سهل النوبختي صاحب كتاب الفهمطان في
معرفة طالع الإنسان برصد النجوم) وكان يصطحبه معه دائماً، حتى أنه طلب منه
أن يختار مكاناً لبناء عاصمة الدولة الجديدة بعد الكوفة، ليدرس مواضع
النجوم كي يحول دون التأثيرات المريبة، ويحدد ساعة وجوب الشروع
بالعمل)).{8}
يروى أن القاضي
بدر الدين حكي له أن إنسانا من المغاربة جاء إليه وهو بمنزلة دار الخطابة
في الجامع الأموي وكان إذ ذاك قاضي القضاة وخطيبا وقال يا سيدنا رأيت اليوم
في الجامع إنسانا وفي كمه آلة الزندقة فاستفهمت منه الكلام واستوضحته غلى
أن ظهر لي أنه رآه وفي كمه إسطرلاب.{9}
يظهر من الربط بين
الروايتان أن الإسطرلاب كان يستخدم في عملية التنجيم حيث وصفه الراوي بآلة
الزندقة , و من المعروف أن الإسلام نهى الناس عن التنجيم.
4- استخدامات أخرى للإسطرلاب :
تعتبر النقاط
الثلاثة السابقة هي أهم الاستخدامات للإسطرلاب في الدولة الإسلامية , و لكن
هذا لا يمنع من أن للإسطرلاب فوائد أخرى و لكن كانت قاصرة على العلماء
فكانوا يستخدمونه في قياساتهم الفلكية , و ما إلى ذلك من أمور .
ما للإسطرلاب من أشكال و أنواع:
أطلق العرب كلمة
إسطرلاب على عدة آلات فلكية ، تنحصر في ثلاثة أنواع رئيسية بحسب ما إذا
كانت تمثل مسقط الكرة السماوية على سطح مستوى ، أو مسقط على خط مستقيم ، أو
الكرة بذاتها بلا أي مسقط ، وقد كثرت أنواع الإسطرلاب ،وتعددت أشكاله ،
تبعا لاتساع الحاجة إلى استعماله في مختلف الأغراض الفلكية{10} .
ومن أنواعه :
الإسطرلاب التام
والمسطح والطوماري والهلالي والزورقي و العقربي و الأسي و القوسي والجنوبي
والشمالي و الكبري و المبطح و المسرطق وحق القمر والمغني والجامعة وعصا
موسى و غيرها حيث وصل إلينا من أشكالها ما يقرب من 31 شكل.{11}
أولاً: الإسطرلاب المسطح(ذا الصفائح):
يعتبر الإسطرلاب
المسطح أول الإسطرلابات تصنيعاً عند العرب,معظم نماذجها صغيرة الحجم وسهلة
الحمل و يتكون من جسم معدني في الغالب, يتألف الإسطرلاب المسطح،من قرص
دائري يتراوح قطره بين 10 و20سم، وله عروة اسمها الحبس متصلة بحلقة أو
علاقة تصلح لتعليق الإسطرلاب بحيث يكون في وضع رأسي,و به قطعة تسمى الأم
وهي الصفيحة السفلى التي تحتوي على بقية الصفائح. وهذه الصفائح أقراص
مستديرة تعلوها الشبكة أو العنكبوت؛ وهي صفيحة موضوعة فوق أخواتها تتألف من
شرائط معدنية مثقبة بشكل يبقى معه ظاهرًا فلك البروج ومواقع النجوم
الرئيسية وأسماؤها. وهذه الشبكة تتألف من شرائط معدنية قطعت في شكل فني
تنتهي بأطراف عديدة تشير إلى مواقع النجوم. ويسمى الطرف شظية، ثم هناك
المسطرة وتسمى أيضًا العضادة، وتدور حول مركز الظهر ولها ذراعان ينتهي كل
منهما بشظية يؤخذ منها ارتفاع الشمس. ورسمت إلى جانب الصفائح خطوط الساعات
وخط الاستواء و إن الصفيحة السفلية تمثل النظام الإحداثي الأفقي الخاص بعرض
جغرافي معين. ويمكن صنع العديد من هذه الصفائح لعروض أخرى ووضعها ضمن
الحجرة بحيث تكون الصفيحة العلوية منها هي التي سيتم القياس فيها.{12}
ثانياً الإسطرلاب الكروي(الإسطرلاب الكري):
فكرة الإسطرلاب
الكروي فكرة قديمة قدم الإسطرلاب المسطح و يعمل بنفس مبادئه لكنه أسهل في
الاستخدام لأنه عبارة عن دائرتين معدنيتين متداخلتين تدل إحداهما على دائرة
البروج، والثانية تدل على سمت الانقلاب الذي يرسم عليه قطبا خط الاستواء،و
أيضاً دائرة ثالثة تدور حول قطبي البروج السابقين , و يمكن من خلالها
معرفة خط الطول و توضع دائرة أخرى في داخل الدوائر الثلاثة السابقين و في
الدائرة الرابعة يوجد ثقبان يمكن من خلالهم رؤية القمر و النجوم و الكواكب و
الأجرام التي يمكن رصدها ثم كرة خامسة أخيرة في الداخل و تمثل الأرض, و ظل
هذا النوع من الإسطرلاب يستخدمه البحارة حتى القرن الثامن عشر, فكان يوضح و
يحدد أماكن النجوم و الكواكب و خط سيرها الظاهري , و من أشكال الإسطرلاب
الكروي ذات الحلق وذات الكرسي و من أشهر الفلكيين الذين وصفوه قسطا بن لوقا
(ت نحو300هـ/912م) وأبو العباس النيريزي (ت 310هـ/922م) والبيروني في
رسالته «استيعاب الوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب»، والحسن بن علي عمر
المراكشي (ت نحو 660هـ/1262م) .{13}
الإسطرلاب الخطي (عصا الطوسي):
((ويسمى «عصا
الطوسي » نسبة إلى مخترعه المظفر بن المظفر الطوسي (ت610هـ/1213م){14}{15}،
وهو يشبه مسطرة الحساب، ويتألف من قطعة واحدة عليها خيط مثبت في منتصفها
هو مسقط القطب الشمالي، وخيط آخر مثبت عند أحد طرفيها يمثل ميل دائرة الأفق
وخيط ثالث سائب عند طرفها الآخر حر الحركة. يمثل حرف المسطرة خط نصف
النهار (شمال ـ جنوب) في الصفيحة العادية، وعليه علامات تمثل تقاطع خط
الأفق والمقنطرات وغيرها مع خط نصف النهار. وفي القسم العلوي من المسطرة
علامات تمثل مراكز دوائر الأفق والمقنطرات، أما القسم السفلي فيحمل تقسيمات
كتلك التي على العنكبوت وتتقاطع مع خط نصف النهار. وثمة تدريجات أخرى
تستخدم لقياس الزوايا على أساس أن طول المسطرة يعادل 180 درجة. ويمكن
بمساعدة هذا الاسطرلاب الخطي إجراء جميع العمليات المألوفة في الاسطرلاب
العادي ولكن بدقة أقل منه)).{16}
الإسطرلاب الزورقي:
لا نعلم عن هذا
النوع من الإسطرلابات الكثير كل ما نعرفه هو أن من أخترعه هو أحمد بن محمد
بن عبد الجليل السِّجْزي (000-415هـ /000 -1024) و كان فلكياً و رياضياً
بارعاً, ولقب السجزي نسبة لبلده سجستان شرقي إيران,و لا تكمن عظمة
الإسطرلاب الزورقي في كونه إسطرلاب فقط و لكن لاعتماد هذا الإسطرلاب على
نظرية أن الأرض متحركة تدور على محورها وأن الفلك بما فيه ثابت, ما عدا
الكواكب السبعة فكان من أوائل من اعتقد في هذه النظرية,و يذكر أيضاً أن
البيروني مدح في علمه كثيراً في رسائله.{17}
بقية أنواع الإسطرلابات:
لم تظهر بقية
الأنواع من الإسطرلابات بقوة في المصادر و إنما ذكرت أسمائها فقط كما سبق و
أن لاحظتم في بداية المبحث و لكن كان هناك بعض الرسائل عن هذه الإسطرلابات
مثل رسالة " محمد بن نصر " سنة 511هـ و التي كان موضوعها الإسطرلاب
السرطاني المجنح مكونة من 23 باباً {18}, و نجد الصفدي يروي أنه في أحمد
الأيام دخل إلى منزل "محمد بن نصر الدين بن صغير بن خالد" لرؤية الإسطرلاب
الخاص به فيصفه قائلاً :
(( وصورة
الإسطرلاب المذكور قنطرة مقدار نصف أو ثلث دراع تقريبا يدور أبدا على
الدوام في اليوم والليلة من غير رحى ولا ماء على حركات الفلك لكنه قد رتبها
على أوضاع مخصوصة تعلم منه الساعات المستوية والساعات الزمانية)) {19}
{20}.
و هكذا نخلص من خلال ما تقدم إلى ما يلي :
1. أن المسلمين في ذلك الزمن كانوا يجيدون الاستفادة من الطاقات المتجددة المائية و الحركية و انه كان هناك آلات تدار بهذه الطاقة .
2. يبدو أن الإسطرلابات كان المعهود عنها العمل معتمدة على قوة الماء و الهواء.
3. كذلك فإن هذا العالم المسلم قد توصل إلى طريقة لإدارة الإسطرلاب غير الطريقة المعتمدة على الماء أو حتى على الهواء.
ربما تبد هذا الاستنتاجات غريبة و لكن الغريب بالفعل أننا لا ندري إلى أي حد من التطور وصل المسلمون في تلك الفترة المزدهرة.!!
ربما تبد هذا الاستنتاجات غريبة و لكن الغريب بالفعل أننا لا ندري إلى أي حد من التطور وصل المسلمون في تلك الفترة المزدهرة.!!
إسهامات المسلمين في بحوث الإسطرلاب:
كثرت إسهامات
العلماء المسلمين في تطوير و تحديث الإسطرلاب فنجد هناك المئات من الرسائل و
الكتب في تطوير الإسطرلاب و كيفية تصنيعه و أيضاً استخدامه و من هذه
الرسائل رسالة لأمية بن عبد العزيز الأندلسي بعنوان الإسطرلاب وعمله ,و
أيضاً رسالة للشيخ زين الدين عبد الرحمن المزي الحنفي بعنوان في الإسطرلاب ,
و آخري لأبي الصلت بعنوان الإسطرلاب وعمله , ورسالة لمحمد بن نصر بعنوان
الإسطرلاب السرطاني المجنح{21},و من أهم من كتب في علم الإسطرلاب هو أبو
إسحاق إبراهيم بن محمد بن حبيب البغدادي و شهرته الفزاري وترجع أهميته أنه
كان أول من عمل الإسطرلاب بالإسلام في خلافة المأمون العباسي توفي سنة
188,وكان له عدة مؤلفات مهمة منها كتاب في العمل بالإسطرلاب ذات الحلق و
كتاب في العمل بالإسطرلاب المسطح{22} , و لا يمكن أن يُغفل دور البيروني في
علم الفلك عامة و في تطوير الإسطرلاب خاصة حيث كان له العديد من الكتابات و
الرسائل في الإسطرلاب منها رسالة في تصحيح ما وقع لأبي جعفر الخازن من
السهو في زيج الصفائح و أيضاً رسالة في محاذاة ودوائر السموت في الإسطرلاب
ورسالة في الإسطرلاب السرطاني في المجنح {23} , كما إن هناك العديد من
الكتب الأخرى لعلماء آخرين مثل كتاب العمل بالإسطرلاب لأحمد بن عبد الله
حبش الحاسب المروزي 250 هـ و أيضاً للمروزي كتاب أخر و هو حسن العمل
بالإسطرلاب,و من المؤلفات الأخرى كتاب معرفة الإسطرلاب لأبو الحسن كوشيار
بن لبان الجيلي 350 هـ , و كتاب العمل بالإسطرلاب لأبو الحسن عبد الرحمن بن
عمر بن محمد الصوفي 376 هـ ,
و كان عند
المسلمين أكثر من علم كان موضوعهم الأساسي هو الإسطرلاب حيث كان عندهم علم
عمل الإسطرلاب و هو علم يتعرف منه كيفية استخراج الأعمال و المعطيات
الفلكية من الإسطرلاب بطريق خاصة و أيضاً يساعد في معرفة ارتفاع الشمس و
معرفة الطوالع و معرفة أوقات الصلاة و اتجاه القبلة و أيضاً معرفة طول
الأشياء بالذراع {24},و وصلنا من كتابات المسلمين في الإسطرلاب أكثر من 300
بحث بين رسالة و كتاب , و هذا يدل على مدى اهتمام المسلمين بالإسطرلاب و
علومه.
قام علاء الفلك العرب والمسلمون خلال القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ، بإضافات عديدة للأسطرلاب ، وقد شملت هذه الإضافات قياس محيط الكرة الأرضية وجمع الخرائط الفلكية التي تصور حركة الكواكب ، وحددوا أشكال مداراتها , و قد وجدت ترجمة لاتينية يعود تاريخها إلى عام 675هـ 1276م لما كتبه عالم الفلك العربي ما شاء الله عن الإسطرلابات . ويوجد اليوم عدد كبير من الإسطرلابات التي صنعها الفلكيون المسلمون منتشرة في متاحف العالم . وقد اشتهر بصناعة الإسطرلابات علماء فلكيون كثيرون منهم حامد بن محمد الأصفهاني ، أحمد بن حسين بن باسو ، أبو حامد أحمد بن محمد الصاغاني.{25} .
قام علاء الفلك العرب والمسلمون خلال القرن الرابع الهجري ، العاشر الميلادي ، بإضافات عديدة للأسطرلاب ، وقد شملت هذه الإضافات قياس محيط الكرة الأرضية وجمع الخرائط الفلكية التي تصور حركة الكواكب ، وحددوا أشكال مداراتها , و قد وجدت ترجمة لاتينية يعود تاريخها إلى عام 675هـ 1276م لما كتبه عالم الفلك العربي ما شاء الله عن الإسطرلابات . ويوجد اليوم عدد كبير من الإسطرلابات التي صنعها الفلكيون المسلمون منتشرة في متاحف العالم . وقد اشتهر بصناعة الإسطرلابات علماء فلكيون كثيرون منهم حامد بن محمد الأصفهاني ، أحمد بن حسين بن باسو ، أبو حامد أحمد بن محمد الصاغاني.{25} .
محمد أحمد وهبان
نقلا عن
http://www.museumsalama.com/vb/showthread.php?t=90
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رجاء كتابة تعليقك